قال الله تعالى: {فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} ((الزمر:17-18)). وقال تعالى: {يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم} ((التوبة:21)) وقال تعالى: {وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون} ((فصلت:30)) وقال تعالى: {فبشرناه بغلام حليم} ((الصافات: 101)). وقال تعالى: {ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى} ((هود:69)). وقال تعالى: {وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب} ((هود:71)) وقال تعالى: {فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى} ((آل عمرا، : 39)). وقال تعالى: {إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح} ((آل عمران: 45)) الآية، والآيات في الباب كثيرة معلومة.
وأما الأحاديث فكثيرة جداً، وهي مشهورة في الصحيح، منها:
708- عن أبي إبراهيم- ويقال أبو محمد، ويقال أبو معاوية- عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر خديجة، رضي الله عنها، ببيت في الجنة من قصب ، لا صخب فيه ولا نصب. ((متفق عليه)) .
(10)
709- وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ، أنه توضأ في بيته، ثم خرج فقال: لألزمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولأكونن معه يومي هذا، فجاء المسجد، فسأل عن النبي صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم ، فقالوا: وجه ههنا، قال: فخرجت على أثره أسأل عنه ، حتى دخل بئر أريس، فجلست عند الباب حتى قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجته وتوضأ، فقمت إليه، فإذا هو قد جلس على بئر أريس وتوسط قفها، وكشف عن ساقيه ودلاهما في البئر، فسلمت عليه ثم انصرفت، فجلست عند الباب فقلت: لأكونن بواب رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم، فجاء أبو بكر رضي الله عنه فدفع الباب فقلت: من هذا؟ فقال: أبو بكر، فقلت على رسلك، ثم ذهبت فقلت: يا رسول الله هذا أبو بكر يستأذن، فقال: "ائذن له وبشره بالجنة" فأقلبت حتى قلت لأبي بكر: ادخل ورسول الله يبشرك بالجنة، فدخل أبو بكر حتى جلس عن يمين النبي صلى الله عليه وسلمى الله عليه وسلم معه في القف، ودلى رجليه في البئر كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكشف عن ساقيه، ثم رجعت وجلست، وقد تركت أخي يتوضأ ويلحقني ، فقلت: إن يرد الله بفلان -يرد أخاه- خيراً يأت به، فإذا إنسان يحرك الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: عمر بن الخطاب: فقلت: على رسلك ، ثم جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسلمت عليه وقلت: هذا عمر يستأذن؟ فقال:”ائذن له وبشره بالجنة" فجئت عمر، فقلت: أذن ويبشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة، فدخل فجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في القف عن يساره، ودلى رجليه في البئر، ثم رجعت فجلست فقلت: إن يرد الله بفلان خيراً -يعني أخاه- يأت به، فجاء إنسان فحرك الباب. فقلت: من هذا ؟ فقال: عثمان بن عفان فقلت: على رسلك، وجئت النبي صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم ، فأخبرته فقال: "ائذن له وبشره بالجنة مع بلوى تصيبه" فجئت فقلت له: ادخل ويبشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة مع بلوى تصيبك، فدخل فوجد القف قد ملئ، فجلس وجاههم من الشق الآخر. قال سعيد بن المسيب: فأولتها قبورهم . ((متفق عليه)) .
وزاد في رواية: “وأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ الباب. وفيها أن عثمان حين بشره حمد الله تعالى، ثم قال: الله المستعان.
(11)
710- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنا قعوداً حول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومعنا أبو بكر وعمر رضي الله عنهما في نفر، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين أظهرنا فأبطأ علينا، وخشينا أن يقتطع دوننا وفزعنا فقمنا، فكنت أول من فزع، فخرجت أبتغي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى أتيت حائطاً للأنصار لبني النجار، فدرت به هل أجد له باب، فلم أجد، فإذا ربيع يدخل في جوف حائط من بئر خارجه -والربيع: الجدول الصغير -فاحتفزت، فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: “أبو هريرة؟” فقلت: نعم يا رسول الله ، قال: “ما شأنك” قلت: كنت بين أظهرنا فقمت فأبطأت علينا، فخشينا أن تقتطع دوننا، ففزعنا، فكنت أول من فزع، فأتيت هذا الحائط فاحتفرت كما يحتفر الثعلب، وهؤلاء الناس ورائي. فقال: "يا أبا هريرة" وأعطاني نعليه فقال: "اذهب بنعلي هاتين، فمن لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه، فبشره بالجنة" وذكر الحديث بطوله، ((رواه مسلم)).
(12)
711- وعن ابن شماسة قال: حضرنا عمرو بن العاص رضي الله عنه ، وهو في سياقة الموت فبكى طويلاً، وحول وجهه إلى الجدار، فجعل ابنه يقول: يا أبتاه، أما بشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا؟ أما بشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا؟ فأقبل بوجهه فقال: إن أفضل ما نعد شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله ، إني قد كنت على أطباق ثلاث: لقد رأيتني وما أحد أشداً بغضاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم مني ، ولا أحب إلي من أن أكون قد استمكنت منه فقتلته، فلو مت على تلك الحال لكنت من أهل النار، فلما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النبي صلى الله عليه وسلمى الله عليه وسلم فقلت: أبسط يمينك فلأبايعك، فبسط يمينه فقبضت يدي، فقال:”مالك يا عمرو؟" قلت: أردت أن أشترط قال: "تشترط ماذا؟" قلت : أن يغفر لي، قال: "أماعلمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله” وما كان أحد أحب إلي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا أجل في عيني منه، وما كنت أطيق أن املأ عيني منه إجلالاً له؛ ولو سئلت أن أصفه ما أطقت؛ لأني لم أكن أملاً عيني منه، ولو مت على تلك الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنة، ثم ولينا أشياء ما أدري مال حالي فيها؟ فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة ولا نار، فإذا دفنتموني، فشنوا على التراب شناً، ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور، ويقسم لحمها، حتى أستأنس بكم، وأنظر ما أراجع به رسل ربي ((رواه مسلم)).
(13)